يعاني سكان مخيم جرش «غزة» من التردي والنقص كبير في الخدمات العامة وتدني مستوى النظافة والخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية في المخيم، فضلاً عن نقص فرص العمل، وإرتفاع نسبة البطالة فيها عن 39 % وفق دراسة أعدتها وكالة الغوث الدولية.
وأكد سكان في المخيم الذي يسكنه نحو 20 ألف نسمة أنَّ الخدمات العامة التي تقدم لهم متدنية جدا، وأنهم يعيشون في «معرشات أو براكيات»، ولا تفصل البيوت عن بعضها سوى جدران من الزنك أو الأقمشة التي تنتهك حرمات البيوت وتفقد أسرهم خصوصياتها.
ولا تزيد مساحة كل مسكن عن 100 متر مربع لأسر يبلغ تعداد سكانها غالباًَ 13 فرداً، ولا تتوفر فيها أبسط الشروط أو المرافق الصحية، فضلاً عن أنها لا تقيهم حر الصيف أو برد الشتاء.
ويقول المواطن عواد عبد العال إنَّ «مخيم جرش من المخيمات المحرومة من أبسط حقوقها في الخدمات الأساسية كالماء أو الكهرباء»، مبيناً أنَّ مياه الشرب لم تصل منازلهم منذ 3 شهور، ويضطرون لشراء المياه من الصهاريج غير الصالحة للشرب بـ «مبالغ طائلة».
بدوره تحدث حسن الكوز عن البطالة التي يعانيها شباب المخيم، مبيناً أن هناك شباناً وشابات مؤهلين عبر مراكز متخصصة للعمل في مختلف المجالات، مستدركا أنه ليس لهم أي فرص وظيفية في الدوائر الرسمية والحكومية.
ويضيف أنَّ بعضهم يعملون في المحلات وعلى البسطات وفي الحقول والأراضي الزراعية، والبعض الآخر يكتفي بالجلوس بالبيت، أو التسكع في الشوارع.
ويعزو الكوز نسبة البطالة العالية إلى عدَّة أسباب أبرزها بعض القيود القانونية التي تجعل فرص العمل بالنسبة لأبناء مخيم غزة محدودة، حيث لا يسمح لهم العمل في القطاع العام أو مزاولة بعض المهن، مثل طب الأسنان أو المحاماة أو الهندسة الزراعية أو المحاسبة القانونية أو الصيدلة أو حتى العمل في القطاع السياحي.
ويُضيفُ إلى ذلك أنَّ موقعَ مخيم غزة في منطقة زراعية بعيدة عن المراكز التجارية بشكل عام سبب لارتفاع البطالة، مشيراً إلى أنَّ هناك صعوبة في إيجاد مشاريع تعاونية ناجحة. ويُحيلُ ذلك إلى أنَّ القانونَ لا يسمحُ لغير الأردنيين بالانضمام إلى جمعيات تعاونية بشكل أساسي، ولا يُسهِّلُ تسجيلَ أيِّ مشروع تجاري خارج المخيم.
مريم، وهي شابة تبلغ من العمر 22عاماً تقول إنه «لا يوجد مفر آخر من المنزل، فالفتاة تشعرُ بالمسؤولية أكثر من الشباب، فكل فتاة غير متعلمة ولا تعمل تبحث عن فرص عمل مهنية أو مشاريع أسرية بسيطة، كالعمل في قطاف الزيتون مثلاً». وتعمل مريم وأخواتها الأربع مع والدتها في «تقميع الباميا، وقطف أوراق الملوخية»، فيما الأم، وبحسب خبرتها تسوق المنتج لزبائن تتعامل معهم من سنين. وتضيف مريم أن قلة فرص العمل في محافظة جرش تجعل الغالبية تتجه نحو المشاريع المنزلية، فمن تمتلك مهارة الخياطة تعمل على خياطة الأثواب في منزلها والزبائن هم سكان الحي والبيوت المجاورة لهم، أما مَنْ تفتقدُ لأيِّ مهارة، فلا مجال أمامها سوى العمل في حفر الكوسا وفرط الملوخية وتنظيف العكوب.
بدوره أكد مصدر مسؤول في دائرة الشؤون الفلسطينية طلب عدم ذكر اسمه، أنَّ السبَبَ الأهم في مشكلة البطالة في مخيم جرش تحديداً أنَّ سكانه لا يحملون بطاقات شخصية، مبيناً أن ذلك من أهمِّ شروط العمل الوظيفي الحكومي والرسمي. وذهب إلى أنَّ ذلك يُعيقُ توظيفهم، رغم أنهم مؤهلون علمياً ومهنياً، وقادرون على العمل في مختلف المجالات.
وأوضح المصدر أنَّ معظم أبناء المخيم يتوجهون للبحث عن فرص عمل في القطاع الخاص، أو في المحال التجارية وفي أعمال حرفية بسيطة، في سبيل توفير مصادر أرزاقهم كون معظمهم أرباب أسر. من ناحيته يطالب عطية عيد أنْ تقوم الجهات المعنية بربط المخيم بشبكة صرف صحي أسوة بغيره من المخيمات الأخرى في المملكة، واصفا عملية التخلص من مياه الصرف الصحي عن طريق قنوات تصريف مكشوفة بين البيوت وفي منتصف الطرق العامة وتمتلئ هذه القنوات بالحشرات الغريبة والجراثيم والأوبئة.
وبيَّنَ عيد أنَّ تلك القنوات تمتلئ في فصل الشتاء وتفيض على البيوت والسكان وفي الصيف تكون بيئة نشطة لنمو البعوض والحشرات والجراثيم، فضلاً عن انتشار الروائح الكريهة.
إلى ذلك، لفت إسماعيل عياش إلى جملة تحديات صحية يعانيها أبناء المخيم للحصول على الخدمات الصحية، أبرزها أنَّ الغزيَّ لا يتمتع بالتأمين الصحي لتلقي العلاج في المراكز الصحية الحكومية أو المستشفيات.
ويضيف إلى ذلك أنَّ ـ أبناءَ المخيم ـ الغزيين لا يتلقون معونات من وزارة التنمية الاجتماعية أو صندوق المعونة الوطني، بعكس غيرهم من اللاجئين الفلسطينيين الذين يستفيدون من خدمات وكالة الغوث والمعونات الحكومية، فضلاً عن انتفاعهم من مشروع مساكن الفقراء.
المصدر ذاته، يؤكد أنَّ المخيمَ يعاني فعلاً من تدني مستوى الخدمات العامة المقدمة للأهالي، خصوصاً الماء والمسكن والكهرباء والطرق والتعليم والصحة، إضافة إلى مشكلة الصرف الصحي. وأوضح المصدر أنَّ «تلك المشاكل موجودة منذ عشرات السنين في المخيم ولغاية الآن لم يتم حلها أو النظر فيها».
واستدرك أنَّ المخيمَ سيشمله هذا العام مشروع حزمة الأمان والذي تنفذه هذا العام عدة وزارة وجهات حكومية وخاصة وبتكلفة تزيد عن 7 مليون دينار، لافتاً إلى أن المشروع سيقام من خلاله ربط المخيم بشبكة صرف صحي، وتخليصهم من القنوات التي تمر بين بيوتهم وصيانة الطرق والأرصفة وتوفير الخدمات الأساسية للسكان من تعليم وصحة ومسكن.